السلوك الذي يوجهه العاطفة: علم النفس في التسويق
يقول ألبرت آينشتين: “العقل المنطقي هو الخادم المتواضع، بينما العقل الحدسي هو الهِبة المخلصة، لقد خلقنا مجتمع يقدّر الخادم وينسى الهِبة”.
يفخر الناس اليوم باتخاذهم لقرارات “عقلانية”، وبتحليل كل المعلومات المتاحة بدقة قبل اختيار أفضل خيار متاح، ولكن الحقيقة هي أن معظمهم يتخذ قرارات الشراء بشكل لا واعي بناء على عواطفهم، ثم يجدون سبب منطقي لمشترياتهم عن طريق إيجاد مبرر للشراء بعد إتخاذ القرار بالفعل.
يقول دوجلاس فان باريه في كتابه بناء العلامة التجارية غير الواعي: “إن التأثير يحدث عن طريق جذب العواطف مع التغلب على القيود المنطقية”. كما يقول أن البحوث الحديثة التي أجراها “تيموثي ويلسون” في جامعة فيرجينيا وجدت أننا نتخذ 90% من قرارات الشراء دون أن ندرك أننا نفعل هذا بشكل واعي.
لذلك، بينما من المهم إطلاع المشترين على مزايا وخصائص منتجاتك وخدماتك، إلا أنه من المهم أن تنتبه لمشاعرهم وتحاول جذبها أيضًا في عملية التسويق. يمكن فعل هذا عن طريق الصور والقصص والوصف المُقنِع أو عبارة التسويق الجذابة. بمجرد أن تقنع المشترين المحتملين عاطفيًا (وإن كان بشكل لا واعي)، سيجدون مبرر منطقي لقرارهم بأنفسهم. ولكن بمجرد اتخاذ قرار عاطفي بعدم شراء منتجك، من الصعب أن تغير هذا القرار.
يقدم الشكل 6 مثال جيد على هذا، حيث يعرض رسالة بريد إلكتروني من “برنامج التقدير” الخاصة بفنادق هيلتون، إن النص مثير ومُقنع “عروض حصرية خاصة للسفر”، و”أهرب إلى جنتك”، و”ذكريات لا تُنسى”، والتي تؤدي كلها إلى “دعوة الإجراء” وهي: “امنح نفسك الراحة التي تستحقها”. تضرب هذه الرسالة مثلاً على استخدام نص مقنع ومُلِح يهدف لإثارة استجابة عاطفية لدى القارئ.
تستخدم شركة البيرة “لندن برايد” تسويق يوجهه العاطفة في هذا المثال الذي يجذب القارئ بقصة يصعُب نسيانها بشأن شيء يألفه سكان لندن ويفخرون به.
يحب الناس القصص، والعقل البشري مبرمج على تذكرها. يتعلم الناس عن طريق إيجاد أنماط ومعاني في الأشياء، وينسون الحقائق والأرقام الجامدة بسهولة، ولكن إذا تم دمجها في قصص إنجذب لها الناس، سيساعدهم هذا على تكوين ارتباط عاطفي معها. يُطلق على هذه الظاهرة “الإدراك المتجذر”، والذي يعني أن الناس يعيشون القصة عندما يسمعونها أو يقرأونها.
لذلك عندما يقرأ المشاهد “في الشكل 7” قصة لطيفة حول بيرة “ويستريا” التي تنتجها لندن برايد، تعتمد الشركة على تجارب المشاهدين السابقة مع ويستريا، وشعورهم بالمتعة في الصيف، ورائحة النباتات الجميلة المصنوع منها البيرة. تحفز القصص كل من الأجزاء الإبداعية والمنطقية في المخ، مما يعني أن المشاهدين يفهمون الحقائق بشكل بصري وعاطفي وحقائقي.
“كانت النباتات الأرجوانية الجميلة تحيط بجدران مصنع البيرة الخاص بنا منذ عام 1816، وهو المصنع الأقدم في إنجلترا، لذا عندما ماتت نباتات الويستيريا في “كيو جاردينز”، ذهبوا في رحلة إلى “كيو بريدج”، ومنها إلى طريق “جريت وول” ليطرقون على بابنا.
ولقد سررنا بتقديم بعض فروع النباتات لهم مع بعض صناديق “لندن برايد”. يبدو أن علماء النباتات يحبون مذاق بيرتنا أيضًا. أو ربما يكونوا اكتشفوا سر أقدم زهرة ويستيريا في إنجلترا؟ لقد كنا نسقيها بقطرة بيرة أو اثنين كل ليلة منذ كانت برعمًا”.
إن جذب جمهورك عاطفيًا – سواء عبر رواية القصص أو إستخدام نص جذّاب ومُلِح أو صورة مقنعة – يحسّن قدرتك كمُسوّق على تحويل المشترين عاطفيًا، بحيث يجدون مبرر منطقي لقراراتهم الواعية لتلبية حاجاتهم اللاواعي.